انتِفاضةُ كانون الأول/ ديسمبر 1960 في الجزائر فصلٌ منسِيٌّ من تاريخِ الاستِقلال

بعد ثلاث سنوات من ’’معركة الجزائر’’، في 11 من ديسمبر 1960 نزِلت تظاهُرات ضَخمة للشعب الجزائري تجاوَزت القمعَ العسكري الفرنسي، وغيَّرت مَسار الثَّوْرة الجزائرية. ففي حينِ تمكَّن الجيْشُ الفرنسيُّ من تفكيكِ الجزء الأكبر من جبهةِ التحرير الوطنيّ في المدنِ وجيش التحرير الوطنيِّ في الجبال، وَقَفت جماهيرٌ من المُستعمَرين المجهولين في وجهِ المنظومَة الاستعمارية. كان أغلبُهم من كبارِ السنِّ والنساء والأطفال، أتَوا في الصفوف الأولى. جاؤوا بالآلاف من الأحياءِ القصديريّة والمهمشة. وقد نزلَ الشعب الجزائري في قلبِ المدن الاستعمارية، في وقفةِ تحدٍّ، حاملاً الرايات واللافتات. أتى القمعُ شرسًا كما هي العادة، دونَ أن يَفلَح في إخضاعِه.

ديغول وجبهَةُ الجزائر الفرنسيّة

كان الجنرال ديغول قد وَضَع على جدولِه زيارةً إلى الجزائر، من 9 إلى 12 ديسمبر 1960، وذلكَ بهدفِ الترويجِ لمشروعِه الاستعماري ’’الطريق الثالث’’ والذي يحمل اسمَ ’’الجزائر الجزائرية “. يتمثَّل هذا المشروع المنسوخ عن النماذِج المَفروضة في العديد من المُستعمَرات السابقة، بوضعِ طبقةٍ على سدَّةِ الحكم تتبَعُ للدوْلةِ الفرنسيَّة وتُعيدُ تنظيمَ شكلِ التبعيَّة الاقتِصادية الجديد. بالإضافةِ إلى ذلك، كان يُريد رئيسُ الدولة جسَّ نبَض القوات العسكريّة و ’’الأقدام ِالسوداء’’: فمشروعُه أثارَ غضبَ كبار المستعمِرين المتطرِّفين ’’ الأولترا’’- . كان هؤلاءُ مُنتظِمين في”جبهة الجزائر الفرنسية » (FAF) وحظَوا بدعمِ العديد من الألويَةِ العسكريَّةِ وشبكاتٍ في الشرطةِ والإدارةِ والصناعة، وحتى في قمَّة الدولة.

إذ إنَّ هدفَ “جبهة الجزائر الفرنسية” كان تكرارَ الانقِلاب العسكريِّ الذي أوْصَل ديغول إلى السلطة في أيار/مايو 1958 وأسَّس للجمهوريّة الخامِسة، إلا أنّها كانت تريد هذه المرَة إسقاطَه لفرضِ ’’الجزائر الفرنسية’’.

حتّى الفاتح من كانون الأول/ ديسمبر 1960، كان لدى الدوْلة الفرنسية 467200 عسكري في الجزائر، فضلًا عن قوّات إضافيّة¹ بلغَ عددُها 94387 عنصراً. وفي 8 كانون الأول/ ديسمبر، أعلنَ ديغول عن تنظيم استِفتاء حوْل تقريرِ المصير يومَ 8 كانون الثاني/ يناير 1961.وزَّعَت “جبهة الجزائر الفرنسية” منشوراتٍ تدعو إلى الإضراب والتحرُّك. وكانت كلُّ القوّات المُتواجدة على دِراية أنَّ المعارِكَ القادِمة ستكونُ حاسِمة: إما أن تتَّجِه الأمورُ نحوَ مَضمونِ الاستِقلال وشكلِه، وإما نحوَ الفصلِ العنصريِّ. ولئن كان التصرُّف القمعيُّ متوقَّعاً من طرفِ الأوروبيّين، إلا أنَّ أحداً لم يتنبّأ بقدوم الانتِفاضة الجزائريّة.

اتخذت قوّات الدرَك وقوّات الجمهوريّة للأمن(CRS) تدابيرَ مُهيبة، وطوّقت الجزائر-العاصمة ابتداءُ من يوم 8كانون الأول/ ديسمبر. وبثَّت السلطات المدنيّة والعسكريَّة نداءاتٍ للهدوء. حلَّ ديغول بالقربِ من تلمسان في يوم 9 كانون الأول/ ديسمبر، وكان برفقتِه لويس جوكس Louis Joxe وبيار ميسمار Pierre Mesmer، بالإضافة إلى جنرالَيْن هما بول إيلي Paul Ely وجان أوليي Jean Olié. ثمَّ توجَّه إلى عين تموشنت ، إذ أرادَ تجنُّبَ المدن الكبرى حيث كان المُستعمِرون المتطرِّفون كثيرين ومَنظَّمين. وفي كلٍّ من وهران والجزائر وفي العديد من المدن الأخرى، تمكَّنت بعضُ العصابات الشبابيّة الأوروبيّة المنظَّمة على أساليب الكوماندو، من إغلاقِ الطرق الكبرى، فهاجمَت قوّاتَ الشرطة واستهدفَت مَراكز السلطة. كما استفزَّ ت وأهانت واعتدَت على المستعمَرين في الشوارع، غالباً عندَ حدودِ الأحياءِ المسلِمة المختلَطة وفي الأحياءِ الأوروبيّة.

الانتِفاضة الشعبيّةّ في مُواجَهةِ مُمارسات المتطرِّفين الـ“أولترا”

اندلعَت الانتِفاضات الأولى في شارعِ ستورا (شارع الإخوة شملول حاليا) في مدينة وهران وفي شارع ليون (بلوزداد حاليا) في الجزائر- العاصمة، في 10 كانون الأوّل/ ديسمبر، كما تشكَّلت المَواكِبُ الأولى للأهالي المتمرِّدين. وهكذا انبعَثت الانتِفاضات الأولى عندَ حدودِ التفرِقة الاستِعمارية في المدن. يقولُ مصطفى الحاج وهو مقاوِم من وهران كانَ حاضراً في تلك المظاهرات:

«بمجرد أن أعطيَ الإنذار، وَضَع سكّان حيّ المدينة الجديدة أنفسَهم في حالة الدفاع الذاتيّ، مردِّدين عبارة“الله أكبر”، تشجِّعهم زغاريدُ النساء الرنّانة. أولئك النساء اللائي وقَفن على الأسطُح وعلى الشرفات وقد جَمعن كلّ أنواع المقذوفات: زجاجات، كوانين، حجارة، قطع قرميد.. وكنّ متأهِّبات لكلّ أنواعِ الاحتِمالات(…) وقد استَجابت بعفويّة مُنقطِعة النظير بقيَّةُ الجزائريّين في الأحياء الأخرى للنداء »².»

استَعمل عناصرُ الجيش الفرنسي والشرطة مكبِّرات صَوْت، طالبين من الأهالي العَوْدة إلى أحيائِهم في حينَ كان المستعمِرون “الأولترا” يَجوبون الشوارع، يدقّون على زامور سياراتِهم المقاطع الخمسة من : ’’ أل- جي -ري – فران – ساز’’ (الجزائر فرنسية). ردًّا على ذلك، وعلى الرغمِ من حواجزِ العسكَر والشرطة التي كانت تسدُّ العديدَ من الأحياء، واكبَت زغاريدُ النساء تحرُّكات المستعمَرين الذين كانت أفواجُهم تتدفَّق من كلِّ حَدب وصوْب.

ففي الجزائر، تبعَ تحرُّكُ سكان الحي القصديري “ناضور” الانتِفاضاتِ الأولى في حيِّ بلكور، تلَتْهُ تحرُّكاتٌ أخرى في مناطقِ سكَن عشوائيّ بائسة تعود للعقد 1930، أقام َ فيها منذ 1954 أناسٌ هاجروا من جبالِهم وقراهم بسبب الدمار الذي أحدثَته فيها الحربُ الاستعماريّة. شكَّل هؤلاء جزءا مهمّاً من المتَظاهرين. ويروي الوناس آيت عودية ، أحدُ المتظاهِرين آنذاك والذي مازالَ يَسكُن القصبة، أنّض مواكِب للنسوة تصدَّرت التظاهُرات وخرَقت الحواجزَ العسكريّة³. وأطلق العسكرُ النارَ على العديدِ منهن، وقد طبعّت حوائكُهن البيضاءُ الملطَّخةُ بالدماء وشجاعتُهن ذاكرةَ الشهود.

انطلقت “شعلة بيلكور” إلى الأحياءِ الشعبيّة لضواحي الجزائر العاصمة، بعد ظهر يومٍ واحد. وفي الأيام التالية انتقَلت، إلى قسنطينة وعنّابة وسيدي بلعباس والأصنام والبليدة وبجاية وتيبازة وتلمسان…. على مدى أسبوع تقريبًا، واجَهت الانتِفاضات الشعبيّة التي انتظمَت ذاتيًّا بصِفةٍ عفويّة أساليبَ قمعٍ لا ترحمُ من طرَف الدوْلة والمتطرِّفين.

نهايَة “الجزائر الجزائريّة” الّتي في خاطِر ديغول

أجبرَت مُظاهرات كانون الأول/ ديسمبر الجنرال ديغول على التخلّي عن مشروعِ ’’طريقِه الثالث’’ وترْك المتطرِّفين لمؤامراتهم. ولتبريرِ أنفسِهم يقولُ بعضُ ورَثة FAF بأن تلك التجمُّعات أتَت نتيجةً لمحاوَلاتِ تضليلٍ قامت بها مؤسَّسات العمَل النفسيّ (الفروع الإداريّة المدينيّة SAU) التي تحوَّلت إلى هبَّة ’’عنصريّة ضدَّ الأوروبيّين’’. وتؤكِّد مصادرُ عسكريّة، وكذلك جَبهة التحرير الوطني، وشهودٌ مدنيّون أنَّ بعضَ أفراد “الفرعِ الإداريِّ المختَص” (SAS) سمَحوا بتظاهرات عفويّة ظنّاً منهم أنّهم سيتمكَّنون من فرضِ شعاراتٍ ديغولية عليها ’’من أجلِ الجزائر الجزائريّة وضدّ الأولترا’’. وقد استغلَّ أحيانا المستعمَرون تلك الفرصة للتحايُل على الترتيبات الأمنيّة واجتيازِ الحواجز، وانقلَبوا بعدَها متظاهرين ضدَّ المشروع الاستِعماري الجديدِ ومن أجلِ استِقلال حقيقي، كما كانَ الحالُ في أغلبِ المدن، حيث لم يتدخَّل أيُّ فرعٍ إداريٍّ مديني.

من جهة أخرى، يقولُ بعضُ ورَثةِ جبهةِ التحرير أنَّ الحزب هو الذي فجَّر المظاهراتِ وخادَع الفروع الإداريّة الحضريّة، عبرَ مِنطقة الجزائر-العاصمة الواقِعة تَحت الحكم ِالذاتي. ويتشبَّثُ جزءٌ من اليمين المتطرِّف الفرنسيِّ بهذه الأطروحة الوهميّة ليشكِّل أسطورةَ التحالُف بينَ جبهةِ التحريرِ الوطنيِّ والدولة الديغوليّة.

لقد أعادَت شبكات مكوَّنة من بضعِ عشراتٍ من مناضلي جبهةِ التحرير الوطني تشكيلَ نفسِها في المدن الكبرى. ويرى المؤرِّخ الجزائري دحو جربال أنَّ جبهةَ التحرير الوطني ’’لم تتخلَّ أبدًاعن مبدأِ المحافَظة على منظّمة الشعب’’ .غير أنَّ شبَكات المناضِلين لم تَكن أبدًا مُرادِفاً للتنظيم المهيْكَل والتراتبي الذي تمتَّعت به المِنطقة المحكومةُ ذاتيّاً للجزائر العاصمة. لا بل تُلاحَظ مُشاركَة مُناضِلين عاديّين في تشكيلِ جَماعاتٍ شعبيّةٍ مستقِلَّة منظَّمة. بينما حاوَل بعضُ ’’مُناضلي الأجهزة’، الذين كان عددُهم أقلَّ بكثير، تأطيرَ المتظاهرين عن طريقِ توجيهِ الشعارات بحيثُ ترفضُ المواكبُ شعارَ ’’الجزائر الجزائرية’’ – والذي قد يبدو دَعماً لمشروع ديغول الاستعماري الجديد – لتظهرَ لافتاتٌ وكتاباتٌ وشعاراتٌ من أجلِ ’’الجزائر المسلِمة’’.

أملُ الاستِقلال

ظهرَت في العديدِ من المدن شعاراتٌ تطالب “بمفاوَضات مع جبهة التحرير’’، ’’عباس في السلطة⁴”، أو « تحيا الحكومة المؤقّتة للجمهورية الجزائرية’’، وكان له تأثيرٌ كبيرٌ لدى المراقِبين الدوليّين خلالَ مناقَشات منظَّمة الأمَم المتَّحدة. تقولُ بهية م. التي كانت في العاشر من عمرِها فقط عندما شارَكت في المظاهرات⁵ -وهي ابنة جابي أموالِ الاشتِراكات لجبهة التحرير الوطني حينها- في حي بلكور:

«

في لحظة ما، فَهمنا أنّنا نتقدَّم نحوَ الاستقلال. بدأت أختي في خياطة الرايات في البيت، كانت تُخيِّط جيِّدًا لأنها تعلّمت الخياطة. وكانت لوالدتي آلة خياطة وكان يكفي شراءُ أقمشة بيضاء وخضراء وحمراء للنّجمة والهلال. لقد خاطت كثيرا من الرايات وكانت بين أيدينا في ذلك اليوم طبعا’’.»

رغم ما يقولُه بعض ورثة جبهة التحرير الوطنيK تؤكد بهية م. أن العديدَ من النساء كن يُخطن كثيرا من الرايات قبل كانون الأول/ ديسمبر 1960 ولم يكن يؤطِّرهن أحدٌ لذلك، ولم تُعطّ لهنَّ أيّةُ تعليمات عشيّة 10 كانون الأول/ ديسمبر.

« أتصوّر أن أغلبَ النساء كن يعمَلن للثورة سرّيّا بإيواءِ المقاتلين وتقديم المال… لأنَّهن كنّ يردن أن يعيش أبناؤهن أحرارًا وهن أيضًا كن يُردن العيش حرَات’’. كما أضافت مع الإشارة إلى أّنه ’’كان هناك كثيرٌ من الأطفال في المُظاهرات.»

كانت الجزائريّات في الصفوف الاولى في المظاهرات كما أنّهن حملن جزءاً غيرَ مرئيٍّ من التنظيم الذاتي للانتِفاضات. كما كانت عملِيّات دفن الشهداء سببًا لانطِلاق مُظاهَرات جديدةٍ مباشرة بعد أن يوارَون الثرى. وكانت هي الأخرى من تنظيمِ النساء. في الوقت نفسِه، أقيمت مراكزُ للعلاج في المساكِن أو المساجد، مع أطبّاء وممرِّضات جزائريّات. وأقيمَت مطاعم في الطرقات تسمَح بتقديم الطعام للأحياءِ المحاصَرة. كما اقترَب من الصحافيّين الفرنسيّين والاجانب مراهقون، وأطفال لاقتيادِهم إلى ما وصفوه بـ’’مراكز قيادة لجبهة التحرير الوطني’’، حيث كانت تُعطى وجهةُ نظرٍ استقلالِيّة حولَ المظاهَرات السارِيَة.

في كلِّ هذه التجارب، نجدُ المشارَكة الحازمة للنساء والأطفال والكهول، والمدنيّين بشكلٍ عامً، أي الفئات المصنَّفة في ذلك الحين ضمنَ ’’السكّان الذين يَجب كسبُهم » من طرَف قياداتِ الأركان السياسيّة والعسكريّة الفرنسيّة، ومن بعضِ فصائلِ جبهةِ التحريرِ الوطنيِّ وجيشِ التحرير الوطنيّ.

الاستِقلالُ الذي انتزعَه الشعب

اعتبرَت الفصائلُ المهيمِنة في الجيش الفرنسي أنَّ الدوْلة لم تتمكّن من احتِواء الأمورِ لأنّها لم تَسمَح للجيش باستِعمال وسائلِ الثورة المضادّة. في حين أنّه تمَّ توزيعُ فِرقِ الجند بموافقة السلطات السياسية، كما أنّها أطلقت النار وقتلت. وقاموا بحملات اعتِقال وتعذيب. فالدولة الديغولية لم تمنع وسائلَ الحرب البوليسية ، ولكنها لم تتمكّن من احتِواء انتِفاضة الشعب الجزائري. اعترفَت السلطات الفرنسية آنذاك رسميًّا بحصيلة 120 قتيلا، منهم 112 جزائريًّا، وبالمئات من الجرحى، كما يشيرُ المؤرِّخ جيلبير مينييGilbert Meynier. واعتُقِل العشرات من المستعمَرين من بينِهم مراهقون،تمَّ “استِنطاقُهم” و“اختفى” بعضُهم في الأيام والأسابيع التي تلّت.

أثَّر هذا الحدثُ بقوّةِ في النمط القمعيِّ الذي طُبِّق يوم 17 تشرين الأول/ كتوبر 1961، باريس من قِبَل مُحافظ الشرطة موريس بابونMaurice Papon الذي كان سابقًا “مُفتِّشًا عامًّا للإدارة في مُهِمّة غيرِ اعتياديّة في الجزائر”⁶ . وقد تمَّ اعتِقال الآلاف من الجزائريّين من كلِّ الأعمار الذين أتوا من الأحياء القصديرية والأحياء الشعبيّة للتظاهر ضدَّ الاستِعمار، فضُربوا واعتُقِلوا وقُتل العشرات منهم من طرَف الشرطة في قلبِ باريس. كانون الأول/ ديسمبر 1960 هو أيضًا المشهَدُ التاريخيُّ الذي غذّى فكر فرانتز فانون عندما بدأ صياغة “معذّبو الأرض” بعدَ ذلك بشهر، كما أكَّدَت لنا ذلك ماريجان مانويلان Marie-Jeann Manuellan⁷ مُساعدة اجتماعيّة شيوعية ومناهِضة للاستِعمار والتي عملت معَه وأملى عليها كتبَه الأخيرة في تونس.

نتيجةً للانتفاضة، فُكَّ الطوقُ العسكري عن الجبالِ وأمرَ شارل ديغول بإيقاف الإعدامات والتخلّي عن مشروعِ “الطريق الثالث”. وأُجبِر على التفاوضِ مع الحكومة المؤقَّتة للجمهوريّة الجزائريّة بقيادة فرحات عباس وكريم بلقاسم. وفي يوم 19 كانون الأول/ ديسمبر صوّتت الجمعيّة العامّة للأمَمِ المتَّحدة على اللائحة 1573 (XV) التي تَعترِف بحقِّ الشعبِ الجزائري في التقريرِ الحرِّ والاستِقلال. وبعدَ 130 سنة من السحقِ وأكثرِ من خمسِ سنَوات من بدايَةِ حرب شرِسَة تمكَّن الشعب الجزائريِّ من الإمساك بزمامِ ثورَته.

ومُذّاك، أعادَت طبقاتٌ حاكِمة جديدة انتاج شكلاً من الاستِعباد بالتعاوُنِ مع النظام الاستِعماريِّ الجديد. غيرَ أنَّ تاريخاً شعبيًا لانتفاضات كانون الأول/ ديسمبر 1960 والذي يتعيَّنُ التعمُّقُ فيه يُبرِز كيفَ قامَ شعبٌ مَقهورٌ بتنظيم نفسِه وعَمل على انتِزاع تحرُّرِه⁸ .